علاقتي بالكاريكاتيرست بطل لقاءنا هذا كانت أسرع وأجمل لقاء إلكتروني بالنسبة لي؛ ولن أضيف أنها أكثر إثماراً من الناحية العملية، كنت متابعاً لتوقيت صدور صحيفة "الشرق" الجديدة ولم يفوا بالموعد المضروب للصدور، فانشغلت عنها بغيرها، لتقع بين يدي في العدد الثامن فابتدأت الإطلاع بها،.. أعجبتني رسوم الرجل وخطوطه التي لمست من ورائها ثمة فنانٍ حقيقي، يبدع إلى ما وراء العمل/اللوحة، محملاً بهمٍ جمعي وثقافةٍ مختلفة متميزة-ربما لم يتخذ موقعه الصحيح بعد- يعلم الجميع الساحة المزدحمة بالغث والسمين! .. وجدت عنوانه البريدي في ثنايا اللوحة، قرأت الإيميل خطئاً على أنه (إيمان) وليس أيمن؟ .. فاجأني الفخر بذلك(لندرة الساحة بنون النسوة في هذا المجال .. ربما)؟ ليبدأ طريقنا إلى هذا اللقاء الجميل، مع فنان الكاريكاتير بصحيفة الشرق الأستاذ أيمن الغامدي ..فإلى هناك.
1). أيمن الغامدي؛ ورحلة التحدي في مجال الكاريكاتير .. إلى أي مدى يجهز رحلته المستقبلية في هذه الهواية الشائكة؟ ماذا يضع نُصب عينيه .. دور الأسرة؛ عند التأسيس والنشء وحالك الآن؟ .. وقبل هذا وذاك من أنت باختصار؟ ..
انا أيمن الغامدي؛ أبحث بقليل من الخطوط والألوان إلى دحض سلبيات مجتمعي الكثيرة، الذي تفشى فيه الكثير من الأخطاء والجهل، والبعد عن التعاون وخدمة الناس بعضها البعض لاسيما من يتصدرون مسؤوليةٍ ما، واضعاً نصب عيني دائما خدمة هذا الوطن وثوابته وناسه، و أصبوا إلى عمل مشاريع خاصة بسيطة تقدمني للناس وتزيد من الاعتداد والثقة بالنفس كأن أنهي كتابي الخاص عن فن الكاريكاتير الذي سيرى النور قريبا ان شاء الله.
كما لا أنسى الدور البارز لزوجتي أم تركي المتمثل بدعمها وتشجيعها لي في مختلف جوانب عملي.
2). هل انتصرت الهواية عليك كفنان كاريكاتير لتصبح غواية جميلة ومصدر دخل يعتد به في قادم الأيام؟ ..
هوايتي مقترنة بما أقدم من فكر جديد للمتلقي الكريم، والكاريكاتير يعتبر مصدر دخل جيد للرسام المتمكن
وربما اعتبرت فن الكاريكاتير متنفساً لي في كثير من الأوقات.
3). كيف تنظرون لهذا المجال وأنتم تلجون بوابة مهنة المتاعب مع الصحيفة الوليدة "الشرق" ؟ وبما أن الكلام عن الشرق فهل لمجتمع الشرقية خصوصية مختلفة بهمومها وانفعالاتها عن باقي مناطق مملكتنا الحبيبة، وهل فعلاً هو والغرب لا يلتقيان؛ كما تقول الحكاية؟ ..(الشرق شرق والغرب غرب .. لا يلتقيان)!!.
كلنا لحمة واحدة في وطننا الحبيب، والمنطقة الشرقية تزخر بالرجال المؤثرين كباقي مناطق المملكة؛ وريشتي تبحث عن مكمن الخلل أنى كان، ولن تقف أمام النقد الهادف البناء، ولعل كل منطقه تختلف عن الأخرى من ناحية البيئة والتضاريس ومجال التطور بكل منطقة و"مكامن" الخلل كذلك.
4). رحلة البدايات؛ ولعبة التأثر والتأثير .. إلى من يعزوها "الغامدي" ومن في الساحة المحلية والعربية والعالمية من يستهويك أو حتى تتمنى الوصول لشعبيته؟ آمل أن لا يكون السؤال محرجاً بعض الشيء، ويبدو أن عصور الخجل والإحراج غير المبرر ولت بلا رجعة .. فلا يردك إلاّ لسانك.
بداياتي كانت من جدران المنازل إلى أوراق الصحف الرسمية، وكانت بداياتي بصحيفة اليوم ثم المدينة ومن ثم بعض المجلات والصحف الخليجية، إلى أن استقريت(حالياً) بصحيفة الشرق(الأحدث من بين كل ما ذكرت)؟ وطننا يزخر برسامين متميزين؛ وسيكون لهم مستقبل مشرق لكن الجميع لن ينسى أستاذنا الراحل علي الخرجي-رحمه الله- وغيره ..ممن وضعوا بصمة للفن الساخر، أنا لا أتمنى الوصول للشعبية المزيفه، لكن كل ما شعرت أن أعمالي قومت أخطاءً حقيقية، فهذه الشعبية التي أنشدها.
5). قتل ناجي قبل أربعة وعشرين سنة؛ وفرزات لم ترمم جائزة اللوموند أنامله المكسورة وغيرهم !.. إلى متى يظل الكاريكاتير الخليجي أسير بحبوحته؛ ورهين مجتمع التابو المهووس بالستر؟ مدى رضاك كسابر لأغوار الكاريكاتير المحلي وأحد أعضائه، عن"العبث"الموجود في الساحة .. إلى ما تعزوها، وأين ستؤدي ؟..
ربما الاحكام البسيط الحاصل لمقص الرقيب؛ هو ما يحول دون الانطلاقة والإبداع في قليل من الامور، لكن سيعود ذلك بالفائدة كثيراً على المجتمع والمواطن للبعد عن البلبله التي يبحثها الغرب فينا ..
6). الكاريكاتير؛ من الفنون التي لا تخبئ مكنونات صاحبها ثقافياً ونفسياً وإقليميا .. ترون الكثير من الإنفلات أو الشخبطة-والتي للأسف حازت على كثيرٍ من الأفواه الفاغرة والقهقهات- هل يؤمن "أيمن الغامدي" بضرورة التثقيف الذاتي المستمر لرسام الكاريكاتير؛ لمواكبة ما يدور في دهاليز المجتمع والأفنية الخلفية له أم أن اللوحة اليومية تأخذ من الانطباع الشخصي الشيء الكثير ..
أساس إبداع رسام الكاريكاتير هو المخزون الثقافي الكبير له، وكل ما زاد ذلك المخزون أشرقت طردياً تلك الألوان وزاد النقد توجها ووضوحا وبساطة وشفافية منشودة، ولعل كل رسمه تأخذ من شخصية الرسام الشيء الكثير؛ وتعتبر أعماله كأبنائه أحيانا لتأخذ من الحب الجانب الكبير.
7). من المؤكد أن رسامي الكاريكاتير لا يعتمدون على أناملهم فقط؛ يبقى الفكر المتوقد والعين اللماحة والأذن المتابعة لما يقال والعين الراصدة لتفاصيل أسرار حركة الأجساد وتعبيراتها كل ذلك وأكثر هو المعين الأساس لرحلة اللوحة .. هل تقف عند آخر لحظة مخاض أم تتابع وتستقرئ انفعالات المتلقي وأصداء ذلك .. حدثنا عن تلك الرحلة الأجمل بالنسبة لك أنت ..
هنا يكمن جمال البحث والفروق الفردية بين الرسامين، فعند الدخول في معترك الأحاديث الاجتماعية مع الأصدقاء والمقربين تخرج روح النقد والسخرية الهادفة بطريقه يراها الرسام دائما الأقرب للمتلقي.
8). ماذا يعتريك عندما ترسم؟ ماذا يتلبسك .. هل لك من طقوس؟ .. هل للكاريكاتير شياطين - لا مؤاخذة- كشياطين الشعراء الغاوون ومن اتبعهم؛ من غير الغاوين ..
ربما تتواجد تلك الشياطين دائما لكن عندما ننقد فهي أداة نلجأ إليها لنبين سلبيات المجتمع، وأنها السبب في إغواء الكثير منا، أما بالنسبة لي فاني ابتعد كثيراً عن الرسم لإيجاد فكرة مناسبة لما أريد نقده ..
9). يبدو أن رسامي الكاريكاتير باتوا ليسو ندرة كسابق العهد بهذا الفن الساخر؛ أين هم من تفعيل دور هذا الفن وإشاعة ثقافة السخرية البناءة في المجتمع، عن طريق المعارض الفنية والمسابقات والجمعيات المتخصصة وغيرها؛ وعلى ذكر التخصص إلى أي مدى يؤمن "الغامدي" بالتخصص في مجال الكاريكاتير ..
أخالفك الرأي بل هنالك ندرة في وجود رسامي الكاريكاتير اليومي، فهناك فرق بين من يرسم الكاريكاتير يوميا عن الرسام الاسبوعي، فالندرة تكمن في الرسم اليومي للصعوبة والإجهاد أحيانا فالاستمرارية تنهك الفكر وتحرق الأفكار فمهما يكن من أمر يمر على الإنسان حالة خمول وتبلد عام لتنشط الأفكار بعد ذلك من جديد ويعيد الدماغ حساباته كجهاز رباني متطور ذاتياً، حقيقة أنا ضد التخصص فالرسام إذا وجد شيء معين ثم توقف بسبب التخصص فأنه سيضعف من إبداعه مستقبلا فالتخصص مثل العصفور بالقفص ..
( المحرر: لا تعليق)؟
10). أخيراً، هل يؤيد الفنان "الغامدي" الاعتماد على برامج تقنية كمبيوترية في رسم اللوحة الكاريكاتيرية؟ والسؤال الأزلي الذي ربما لا يعجب كل أحد؛ هل من إضافة ترى أننا أسقطناها سهواً أو عمداً في خضم هذه العجالة من الأسئلة ..
أنا لا أؤيد استخدام تلك التقنية في العمل فهي تضعف الفكرة كثيراً، وربما نتج عنها اعتمادية في بعض النواحي، فالمتلقي ذكي ولماح ولا يحبذ مثل ذلك! .. ختاماً أشكر لك اخي العزيز سليمان هذا اللقاء، و أتمنى أني كنت ضيفا خفيفا على قراءكم في مجلة "فنون الخليج الإلكترونية" المتميزة التي أرجو لها كل رقي وانتشار .. لا بل كانت أسئلةً شاملة ولقاءً حميمياً (يرفع الضغط) رغم أنه من بعد وعبر الشبكة العنكبوتية الأجمل..
فنون تشكيلية
0 | 2 |
