سيداتُ الفصول / جميلاتُ فانتازيا جديدة لزينة المظفر
بقلم- إيمان أكرم البياتي
"المرأة في دراما لوحاتي تلعبُ دور البطولة، فهي تسردُ أساطيرَ الخيال المجنون وتسجلُ أصوات همسات أوجاعي وترانيم أفراحي".
مع هذه الكلمات قدمتْ التشكيلية العراقية المغتربة زينة المظفر مجموعة من لوحاتها الجديدة التي تحملُ اسم (سيدات الفصول أو ladies of Seasons) في صفحتها الخاصة على الموقع الاجتماعي الشهيرFace book الشهر الماضي.
سيداتُ الفصول مجموعة من اللوحات التشكيلية الغامضة التي تلعبُ فيها المرأة الدور الأساس ضمن سلسلةٍ من الأحداث الخيالية التي تشابه في إيقاعها الفني والحسي تلكَ الأفلام الإغريقية الأسطورية الشهيرة التي سحرتْ أعيننا لسنواتٍ وأثرتْ مخليتنا بألوانها وأفكارها الغنية بالأحاسيسِ والمفردات، حيث الآلهة في الفيلم امرأة فاتنة فائقة الجمال تحملُ طهر الملائكة داخل أجساد البشر المضيئة وهي تمثلُ العنوان الأسمى للحبِ والفضيلةِ والخصبِ والجمالِ في الكون كله وتعدُ المحرك الرئيسي لعوالمِ الأنس.
فسيداتُ الفصول في هذه الرؤية المتجددة هن المتحكماتُ في الفصول الأربعة وفق أمزجتهنَ المختلفة فتارة الشتاء القارص وتارة الربيع بهي الخضرة وتارة حزن الخريف وحفيف الشجر وأخرى الصيف بلسعاته التموزية، أما أفعالهن فهن يجمعنَ الحكمة بالجنون ويجمعنَ لهيب النار بقطع الثلج ويجمعنَ الخريف بالشبابِ وبالنضارةِ في نقيض مثير للاستغراب.
وفي حديثٍ خاص عن هذه الأعمال حدثتني زينة قائلة: تحملُ مجموعتي هذه رؤية خاصة وصوفية في تناول أجواء الطبيعة، فقد تحدثتُ عن الفصول عبر تلكَ النساء الساحرات اللواتي اعتبرهن القوة الخفية في تحريك الفصول والمواسم بأمزجتهم المتناثرة على الطبيعة، وكأنها آلهة تتحكمُ بالليل والنهار والعتمة والشروق، هنَ سحر يخاطبُ الروح ويأخذنا من أجوائنا الواقعية له بكلِ عفوية وموسيقى وجدانية لنعيش معه ما نستطيع من زمن، هذه التجربة أتهيأ بها لمعرضٍ في الشتاء القادم إن شاء الله في بلد عربي وهنا في كندا أيضاً.
حديثُ زينة أثارني لأقرأ حروف فرشاتها بمزيدٍ من التروي فاستأذنتها لانشغلَ عنها ببعض الوقت مع عالم سيدات الفصول لأتأملهن بالروح لا بالعين، فوجدتني انتقلُ إليه بكل عفوية وموسيقى وجدانية كما قالتْ زينة بالضبط ووجدتني أطلقُ على السيدات التي قابلتُ في رحلتي أسم(جميلات زينة المظفر)، فحقاً هن سيدات فائقات الجمال رغم ما يبدو عليهن من غموضِ النظرات وما يحيطهن من ألوان غامقة تسيطرُ على فضاءهن وتكادُ تعصفُ برياحٍ تدفعُ أنفسنا إلى التوجسِ عند النظرةِ الأولى حيث الوجوه الدقيقة والأفواه الصغيرة والأنوف الحادة والحواجب الطويلة وهي تشكل قوساً بارزاً للعينين وترسم معه هالات وظلال داكنة إلا أني مصرة على أنهن جميلات فاتنات في غموضهن ونظراتهن وكأنهن القمر ببهائه تتعلقُ إليه النظراتُ جميعاً وتتغزلُ فيه الألسن وان كان سطحه علمياً خالياً من الزهورِ والفراشات! هكذا هو تماماً جمالُ سيدات الفصول جمالٌ يلفه الغموض وفلسفة العوالم الخفية.
ومن ابرز سيداتِ الفصول الجميلات اللواتي يجذبنَ المتابع ليتقربَ من عوالمهن السحرية ويمتزج بخياله مع إحساسهن وأنفاسهن لوحة تحمل اسم شجرة الحب Tree of love و أخرى تدعى بداخل الروح Inside the Soul ولوحة ثالثه تسمى قيلولة على أوراقِ الخريف Small nap on the fall leafs ولوحة رقصة الخوف Dance of Fear ولوحة عروس الليل Night Bride.
قيلولة على أوراق الخريف Small nap on the fall leafs
في(قيلولة على أوراقِ الخريف) سيدة الفصول ذات الأناملِ الطويلة الناعمة تنالُ حظها من القيلولة تفترش أوراق الخريف الصفراء والحمراء والخضراء تحتها وتغطي بعضاً منها جسدها العاري حتى تبدو كأنها جزء من الخريف أو الخريف جزء منها!
إحدى سيدات الفصول ترتدي الثلج والرياح يقف عصفور الحياة فوق كتفها الأيسر
سيدة أخرى من سيدات الفصول الغامضات ترتدي أوراق الشجر تحيطها الفاكهة وخلفها مزيج من اللون البرتقالي والأصفر وكأنها تخرجُ من بركان قد فار للتو حولها لهيب الصباح لهيب يوم جديد، وهذه المرة ثلاث من عصافير الحياة يقفن على جسدها الذي بدا كشجرة ندية الفروع والأغصان.
عروس الليل Night Bride لوحة بالأسود والأبيض
تظهر فيها سيدة من سيدات الفصول وهي ترتدي الليل ثوباً، لا تعلن عن مزاجها وخواطرها في هذه اللحظة وإنما تختلي بالسكون والغموض ساحبة ستار العتمة مرتدية ثوب الظلام لكي تعلن عن بدأ ليل جديد، على وجهها ملامح يصعب قراءتها هل هي راضية أم غضوب؟.
خطفنني سيدات الفصول، لا اعرفُ لكم من الوقت كنتُ برفقتهن لكنهن نجحن في سحري ودعتُ عالمهن الأسطوري بعد زمن وأنا أعرف أن شوقي إليهن سيدفعني لزيارتهن مرة أخرى، عدتُ لعالمي الواقعي وأنا أحمل في رأسي صوراً لأعينهن اللواتي تعلق قلبي بلغتهن وأدعو لزينة ابنة العراق بالحظ الطيب مع سيدات فصولها الجميلات حيثما تنقلنَ مستقبلاً في معارض العالم يحملن أنفاس دجلة وعبير أرض العراق.
----------
*زينة المظفر: تشكيلية عراقية من ولادة البصرة، حاصلة على شهادة البكالوريوس في الفنون التشكيلية فرع الرسم - جامعة بغداد 1998-1999 مقيمة حاليا في كندا، عضوة في نقابة الفنانين التشكيليين العراقيين وعضوة كذلك في كل من نقابة الفنانين الكنديين و كليري 101 - أوتاوا، لها عدة معارض ومشاركات في كل من العراق وعمان وكندا وأمريكا، شاركت أيضا في انجاز جداريات مهمة في كل من العراق وكندا وفازت بجائزة فنية لتصميم نفذ في كندا 2009.
وتقبلوا تحياتي وتقديري
منقول
[url=المصدر]http://www.al7akaia.com/forums/showthread.php?t=11612[/url]