بمناسبة مرور السنة الخامسة على افتتاحه، يُقيم مركز بول كلي في برن معرضاً يُقارن ما بين الفنانيْـن المُتضادّيْـن، بول كلي وبيكاسو. وقد تبدو هذه المُقارنة مُثيرة للوهلة الأولى بين الرسام الألماني الأصل والسويسري المولد، ومُعاصره الإسباني الشهير بيكاسو، كما يُلقي المعرض الضوء على "خلاف" بول كلي مع بيكاسو.
وتقول كريستين هوبفينغارت، الأمينة على المَعرض المُقام في مركز بول كلي: "للوهلة الأولى، تبدو لنا لوحات الفنانَيْـن مُتنوِّعة ومُختلفة للغاية. وتُضيف: "ولكن هناك علاقة خَـفية كانت بادية للعيان خلال الفترة التي عاش فيها هذان الفَنّانان. فقد تشابَـه الإثنان في إنفِاصلهما الكُلّي والجذري عن جميع التقاليد، عَلاوة على وجود علاقة بين الإثنين أيضاً".
وكان بول كلي على الأخص، في خلافٍ دائمٍ مع بيكاسو طيلة حياته. وحسب هوبفينغارت "فإنَّ هذا لا يعني أنه كان دائم التأثـر به، حيث اتخذ كلي موقفا مُـضاداً من بيكاسو، كما كان يُحاكيه بسُخرية، ومع ذلك، ظلَّ بيكاسو شَخصية يَحتَك بها كلي".
كان بيكاسو فناناً رائِداً في وقته، وقد "تعامل" جميعُ الفنانين النشطين، الذين عاصروه، مع أعمالِه بطريقةٍ أو بِأُخرى. ويُظهر المعرض الكيفية التي عالج بها كلي تأثير بيكاسو والتي تُثبِـت بِكلِّ وضوح أن بول كلي لم يكن مُجَرد مُقلّـدٍ بسيط "للإسباني" (حسب وَصف كلي لِبيكاسو)، كما كان حال العديد من فنّاني ذلك الوقت.
ويبدأ المعرض بالأعمال المُبَكرة للفنانَيْـن على حَد سواء ثم يَنتَقل، وبطريقة موضوعية، إلى الخِلاف بين كلي وبيكاسو، الذي يَتَجلّى في لوحات كلي، وينتهي المعرض بأعمال الفنانَيْـن الأخيرة.
وكان الفنّانان في نفس العمر تقريباً، حيث وُلِد بول كلي في عام 1879 وكان يكبر بيكاسو بعاميْـن، ولم يلتقِ الفنّانان شخصياً سوى مرّتيْـن في حياتهما، الأولى، في استوديو بيكاسو في باريس عام 1933، والثانية، عند بول كلي في برن.
وفي وقتٍ لاحق، قال بيكاسو، إنه لم يَعُـد يَتَذكّـر اللِّـقاء الأول. وبالنسبة للِّـقاء الثاني، كَتَبَ برنارد غايزر، أحد هُـواة جمْـع الأعمال الفنية من برن، والذي عاصَر الفنانَيْـن وقام بترتيب اللقاء بينهما في "كتالوغ" فهرس المعرض: "بِبَساطة، لم يَـدُر أي حديث بين الاثنين".
وما كان أكثر تأثيراً من المعرفة الشخصية، هو معرفة كلّ من الفنانَيْـن بالإبداع الفَنّـي للآخر. وفي قولٍ مَنسوب لبيكاسو - إن صَحَّ - بأنه (أي بيكاسو) "سيد الأعمال الكبيرة وبِأن كلي هو سيد الأعمال الصغيرة"، إنعِكاس لتَقدير "الإسباني" لِبول كلي.
معَ بداية حركة الرسم التكعيبي، التي بدأها الرسام الفرنسي بول سيزان في بداية القرن العشرين (1907 - 1909)، عَزَل بيكاسو وأصدقاؤه (الفرنسي جورج براك والإسباني خوان جريس والفرنسيان روبرت دلوناي وفيرنان ليجيي) أنفُسهم عن عالم الفن التقليدي المعروف سابقاً.
والتكعيبية، هي مُحاولة عَرض شيء مُقَطَّـع إلى أشكال هندسية من وِجهات نظرٍ مُتَعَدِّدة في وقتٍ واحد، وهو اتجاه فني إتخذ من الأشكال الهندسية أساساً لبناء العمل الفني، حيث اعتمدت الخط الهندسي أساساً لكل شكل وركَّزَت على فكرة النَظَر إلى الأشياء من خلال الأجسام الهندسية، وخاصة المكعب
ويوضح المعرض تأثُـر بول كلي بهذه الحركة من خِلال لوحته التي أسماها "تحية لبيكاسو"، وهي اللوحة الوحيدة التي عبَّـر فيها كلي عن تقديره للفنّان الإسباني بالرسم.
وحيث أنَّ مثل هذا العمل غير مُعتاد بالنسبة لِكلي، اعتقد بعض مؤَرِّخي الفن بأن كلي لم يكُن يحمل هذا التكريم على مَحْمَل الجدّ وبأنَّه قد أودع خَلفية ساخرة إلى هذه اللوحة، كما صرَّحَت كريستين هوبفينغارت أمام وسائل الإعلام.
واعتقد البعض بأن كلي رسَـم في الأساس صورة كاريكاتورية لبيكاسو، ثم قام بطلائها بالأشكال التي نراها في اللوحة. وتقول هوبفينغارت: "لقد قُـمنا بأخذِ أشعةٍ سينيةٍ للوحة ولم نجد غير الطلاء الأساسي المُعتاد"، مع ذلك، تجزم هوبفينغارت بِأن تركيب وأسلوب هذه اللوحة، بعيد جداً عن الرسوم التكعيبية لبيكاسو، على الرغم من بعض الخطوط والمَلامح السطحية، التي تُذَكِّر بالرسم التكعيبي، ذلك أن بول كلي لم يأخذ جِـسماً ويُقَطِّـعه إلى جوانب هندسية مُنفردة، كما كان يفعل بيكاسو، ولكنه كان يُصَمـم تكويناً مُجرداً بأشكالٍ هندسية.
وتقول هوبفينغارت: "شكلَت التكعيبية قوةً دافِعة بالنسبة لبول كلي، لكنه لم يرسم الحياة الساكنة أو الشخصيات مثل بيكاسو، بل إنَّه كان "يتبنّـى" البُنية الأساسية ويَبني عليها مواضيعه وتَصَوّراته الخاصة".
ومن النادر التفكير بالتكعيبية، إذا ما قورِنت اللوحات المُميزة لبول كلي مع "الشبكات الهندسية" لوحدها. وحسب قول هوبفينغارت: "هذه الشبكة الأساسية المستطيلة الشكل، التي نجدها في أعمال كلي في كامل عشرينيات القرن الماضي وحتى فترة "الباوهاوس"، مُشتقة في الواقع من التكعيبية، (والباوهاوس هو مُصطلح يُعَبِّـر عن مدرسة فنية تأسست عام 1919 على يد المهندس فالتر غروبيس، رفعت شعار "الفن والتقنية - وحدة جديدة"، وكانت تهدف إلى الدمج بين الحِرفة والفنون الجميلة أو ما يُسمى بالفنون التشكيلية، كالرسم والتلوين والنحت والعمارة، من بين الفنون السبعة).
.
وتقول كريستين هوبفينغارت، الأمينة على المَعرض المُقام في مركز بول كلي: "للوهلة الأولى، تبدو لنا لوحات الفنانَيْـن مُتنوِّعة ومُختلفة للغاية. وتُضيف: "ولكن هناك علاقة خَـفية كانت بادية للعيان خلال الفترة التي عاش فيها هذان الفَنّانان. فقد تشابَـه الإثنان في إنفِاصلهما الكُلّي والجذري عن جميع التقاليد، عَلاوة على وجود علاقة بين الإثنين أيضاً".
وكان بول كلي على الأخص، في خلافٍ دائمٍ مع بيكاسو طيلة حياته. وحسب هوبفينغارت "فإنَّ هذا لا يعني أنه كان دائم التأثـر به، حيث اتخذ كلي موقفا مُـضاداً من بيكاسو، كما كان يُحاكيه بسُخرية، ومع ذلك، ظلَّ بيكاسو شَخصية يَحتَك بها كلي".
كان بيكاسو فناناً رائِداً في وقته، وقد "تعامل" جميعُ الفنانين النشطين، الذين عاصروه، مع أعمالِه بطريقةٍ أو بِأُخرى. ويُظهر المعرض الكيفية التي عالج بها كلي تأثير بيكاسو والتي تُثبِـت بِكلِّ وضوح أن بول كلي لم يكن مُجَرد مُقلّـدٍ بسيط "للإسباني" (حسب وَصف كلي لِبيكاسو)، كما كان حال العديد من فنّاني ذلك الوقت.
ويبدأ المعرض بالأعمال المُبَكرة للفنانَيْـن على حَد سواء ثم يَنتَقل، وبطريقة موضوعية، إلى الخِلاف بين كلي وبيكاسو، الذي يَتَجلّى في لوحات كلي، وينتهي المعرض بأعمال الفنانَيْـن الأخيرة.
وكان الفنّانان في نفس العمر تقريباً، حيث وُلِد بول كلي في عام 1879 وكان يكبر بيكاسو بعاميْـن، ولم يلتقِ الفنّانان شخصياً سوى مرّتيْـن في حياتهما، الأولى، في استوديو بيكاسو في باريس عام 1933، والثانية، عند بول كلي في برن.
وفي وقتٍ لاحق، قال بيكاسو، إنه لم يَعُـد يَتَذكّـر اللِّـقاء الأول. وبالنسبة للِّـقاء الثاني، كَتَبَ برنارد غايزر، أحد هُـواة جمْـع الأعمال الفنية من برن، والذي عاصَر الفنانَيْـن وقام بترتيب اللقاء بينهما في "كتالوغ" فهرس المعرض: "بِبَساطة، لم يَـدُر أي حديث بين الاثنين".
وما كان أكثر تأثيراً من المعرفة الشخصية، هو معرفة كلّ من الفنانَيْـن بالإبداع الفَنّـي للآخر. وفي قولٍ مَنسوب لبيكاسو - إن صَحَّ - بأنه (أي بيكاسو) "سيد الأعمال الكبيرة وبِأن كلي هو سيد الأعمال الصغيرة"، إنعِكاس لتَقدير "الإسباني" لِبول كلي.
معَ بداية حركة الرسم التكعيبي، التي بدأها الرسام الفرنسي بول سيزان في بداية القرن العشرين (1907 - 1909)، عَزَل بيكاسو وأصدقاؤه (الفرنسي جورج براك والإسباني خوان جريس والفرنسيان روبرت دلوناي وفيرنان ليجيي) أنفُسهم عن عالم الفن التقليدي المعروف سابقاً.
والتكعيبية، هي مُحاولة عَرض شيء مُقَطَّـع إلى أشكال هندسية من وِجهات نظرٍ مُتَعَدِّدة في وقتٍ واحد، وهو اتجاه فني إتخذ من الأشكال الهندسية أساساً لبناء العمل الفني، حيث اعتمدت الخط الهندسي أساساً لكل شكل وركَّزَت على فكرة النَظَر إلى الأشياء من خلال الأجسام الهندسية، وخاصة المكعب
ويوضح المعرض تأثُـر بول كلي بهذه الحركة من خِلال لوحته التي أسماها "تحية لبيكاسو"، وهي اللوحة الوحيدة التي عبَّـر فيها كلي عن تقديره للفنّان الإسباني بالرسم.
وحيث أنَّ مثل هذا العمل غير مُعتاد بالنسبة لِكلي، اعتقد بعض مؤَرِّخي الفن بأن كلي لم يكُن يحمل هذا التكريم على مَحْمَل الجدّ وبأنَّه قد أودع خَلفية ساخرة إلى هذه اللوحة، كما صرَّحَت كريستين هوبفينغارت أمام وسائل الإعلام.
واعتقد البعض بأن كلي رسَـم في الأساس صورة كاريكاتورية لبيكاسو، ثم قام بطلائها بالأشكال التي نراها في اللوحة. وتقول هوبفينغارت: "لقد قُـمنا بأخذِ أشعةٍ سينيةٍ للوحة ولم نجد غير الطلاء الأساسي المُعتاد"، مع ذلك، تجزم هوبفينغارت بِأن تركيب وأسلوب هذه اللوحة، بعيد جداً عن الرسوم التكعيبية لبيكاسو، على الرغم من بعض الخطوط والمَلامح السطحية، التي تُذَكِّر بالرسم التكعيبي، ذلك أن بول كلي لم يأخذ جِـسماً ويُقَطِّـعه إلى جوانب هندسية مُنفردة، كما كان يفعل بيكاسو، ولكنه كان يُصَمـم تكويناً مُجرداً بأشكالٍ هندسية.
وتقول هوبفينغارت: "شكلَت التكعيبية قوةً دافِعة بالنسبة لبول كلي، لكنه لم يرسم الحياة الساكنة أو الشخصيات مثل بيكاسو، بل إنَّه كان "يتبنّـى" البُنية الأساسية ويَبني عليها مواضيعه وتَصَوّراته الخاصة".
ومن النادر التفكير بالتكعيبية، إذا ما قورِنت اللوحات المُميزة لبول كلي مع "الشبكات الهندسية" لوحدها. وحسب قول هوبفينغارت: "هذه الشبكة الأساسية المستطيلة الشكل، التي نجدها في أعمال كلي في كامل عشرينيات القرن الماضي وحتى فترة "الباوهاوس"، مُشتقة في الواقع من التكعيبية، (والباوهاوس هو مُصطلح يُعَبِّـر عن مدرسة فنية تأسست عام 1919 على يد المهندس فالتر غروبيس، رفعت شعار "الفن والتقنية - وحدة جديدة"، وكانت تهدف إلى الدمج بين الحِرفة والفنون الجميلة أو ما يُسمى بالفنون التشكيلية، كالرسم والتلوين والنحت والعمارة، من بين الفنون السبعة).
.